فصل: تفسير الآيات (1- 4):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

وأبرز ما تتميز به سورة الإخلاص هو الإيجاز وقد تقدمت أمثلة منه وسنحاول الآن جلاء الأغراض الكامنة في إيجازها وحصر متنها وتقارب طرفيها، وسنحاول أن نبسط ذلك بسطا يوضّح المقصود ويدرك به الهدف المنشود:
1- اشتملت هذه السورة على اسمين من أسماء اللّه تعالى يتضمنان جميع أوصاف الكمال وهما الأحد والصمد لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال وبيان ذلك أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال لأنه الذي انتهى إليه سؤدده فكان مرجع الطلب منه وإليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن حاز جميع صفات الكمال وذلك لا يصلح إلا للّه تعالى.
2- تضمنت توجيه الاعتقاد وصدق المعرفة وما يجب إثباته للّه من الأحدية المنافية لمطلق الشركة والصمدية المثبتة له جميع صفات الكمال الذي لا يلحقه نقص.
3- نفي الولد والوالد المقرر لكمال المعنى.
4- نفي الكفء المتضمن لنفي الشبيه والنظير.
5- قالوا: سورة الإخلاص ثلث القرآن لأن القرآن خبر وإنشاء والإنشاء أمر ونهي وإباحة والخبر خبر عن الخالق وخبر عن خلقه فأخلصت سورة الإخلاص الخبر عن اللّه وخلصت قارئها من الشرك الاعتقادي.
6- كثرت أسماؤها وزيادة الأسماء تدل على شرف المسمى وهذا جدول بأسمائها العشرين مع شرح سريع لكل اسم:
1- الإخلاص: وقد تقدم معناه وأنها أخلصت الخبر عن اللّه وخلصت قارئها من الشرك.
2- التنزيل: لأنها أدّت أكمل الأغراض بتنزيلها.
3- التجريد: لأنها تجرد قارئها من الشرك وبواعثه ومن تعلق بها تجرد عن الانحياز.
4- التوحيد: لاحتوائها على صفات اللّه تعالى وعدله وتوحيده، وعلم التوحيد من اللّه بمكان وكيف لا يكون كذلك والعلم تابع للمعلوم يشرف بشرفه ويتضع بضعته، ومعلوم هذا العلم هو اللّه تعالى وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز وناهيك بشرف منزلته وجلالة محله وإنافته على كل علم واستيلائه على قصب السبق.
5- النجاة: لأنها تنجي قائلها من النار.
6- الولاية: لأن من تعلق بها أعطاه اللّه الولاية.
7- الجمال: لدلالتها على جمال اللّه تعالى أي اتصافه بالكمالات وتنزيهه عن النقائص.
8- المعرفة: لأن من فهمها وسبر أغوارها عرف اللّه تعالى حق المعرفة.
9- المقشقشة: من قشقشه من الجرب أو الجدري أبرأه فبرئ وسمّيت بذلك لأنها تبرئ قارئها من الأوضار ومن جميع دواعي الشرك والنفاق.
10- المعوذة: لأنها تحصن قارئها من فتن الدنيا والآخرة.
11- الصمد: وقد تقدم القول فيه مطولا.
12- النسبة: لقول المشركين انسب لنا ربك.
13- الأساس: لأنها أصل الدين وعماده.
14- المانعة: لأنها تمنع فتنة القبر وعذاب النار.
15- المحتضر: لأن الملائكة تحضر لاستماعها.
16- المنفرة: لأن الشياطين تنفر عند قراءتها.
17- البراءة: لأنها براءة من الشرك.
18- المذكرة: لأنها تذكر العبد خالص التوجيه.
19- النور: لأنها تنوّر القلب.
20- الإنسان: لأنه لا غنى للإنسان عنها. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الإخلاص:
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: {هو} فيه وجهان: أحدهما هو ضمير الشأن، و{الله أحد}، مبتدأ وخبر في موضع خبر هو والثانى هو مبتدأ بمعنى المسئول عنه، لأنهم قالوا: أربك من نحاس أم من ذهب؟ فعلى هذا يجوز أن يكون {الله} خبر المبتدأ، و{أحد} بدل أو خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون {الله} بدلا و{أحد} الخبر، وهمزة {أحد} بدل من واو لأنه بمعنى الواحد، وإبدال الواو المفتوحة همزة قليل جاء منه أمرأة أناة: أي وناة لأنه من الونى، وقيل الهمزة أصل كالهمزة في أحد المستعمل للعموم ومن حذف التنوين من {أحد} فلالتقاء الساكنين.
قوله تعالى: {كفوا أحد} اسم كان.
وفى خبرها وجهان: أحدهما {كفو} ا، فعلى هذا يجوز أن يكون {له} حالا من {كفوا} لأن التقدير: ولم يكن أحد كفوا له، وأن يتعلق بـ: {يك}ن، والوجه الثاني أن يكون الخبر {له}، و{كفوا} حال من {أحد}: أي ولم يكن له أحد كفوا، فلما قدم النكرة نصبها على الحال، والله أعلم. اهـ.

.قال حميدان دعاس:

سورة الإخلاص:
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة الإخلاص: آية 1]

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد (1)}
{قُلْ} أمر فاعله مستتر والجملة ابتدائية لا محل لها {هُوَ} ضمير الشأن مبتدأ {اللَّهُ أحد} مبتدأ وخبره والجملة خبر {هو} وجملة {هو..} مقول القول.

.[سورة الإخلاص: آية 2]

{اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}
{اللَّهُ الصَّمَدُ} مبتدأ وخبره والجملة مستأنفة لا محل لها.

.[سورة الإخلاص: آية 3]

{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولد (3)}
{لَمْ يَلِدْ} مضارع مجزوم بلم والفاعل مستتر والجملة مستأنفة لا محل لها {وَلَمْ يُولد} الواو حرف عطف ومضارع مبني للمجهول مجزوم بلم ونائب الفاعل مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها.

.[سورة الإخلاص: آية 4]

{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحد (4)}
{وَلَمْ يَكُنْ} الواو حرف عطف ومضارع ناقص مجزوم بـ: {لم} {لَهُ} متعلقان بـ: {كفوا} {كُفُوًا} خبر {يكن} مقدم {أحد} اسمه المؤخر. والجملة معطوفة على ما قبلها. اهـ.

.فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

قال الزيلعي:
سورة الإخلاص فِيهَا حديثان:
1564- الحَدِيث الأول:
رَوَى أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم انه قال: «أسست السَّمَوَات السَّبع والأرضون السَّبع عَلَى قل هُوَ الله أحد»
قلت غَرِيب.
وَرَوَى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي فَضَائِل القرآن وَهُوَ مُجَلد لطيف ثَنَا الْحسن بن مُوسَى ثَنَا أَبُو هِلَال عَن قَتَادَة عَن عبد الله بن غيلَان الثَّقَفِيّ انه كَانَ أَمِيرا عَلَى الْبَصْرَة فَقال حَدثنِي هَذَا الرجل الصَّالح كَعْب الْأَحْبَار أَن الله تبَارك وَتعالى أسس الْأَرْضين عَلَى {قل هُوَ الله أحد} انْتَهَى.
1565- الحَدِيث الثَّانِي:
عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «انه سمع رجلا يقرأ {قل هُوَ الله أحد} فَقال وَجَبت قيل يَا رَسُول الله وَمَا وَجَبت قال وَجَبت لَهُ الْجنَّة»
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث أبي أمامة.
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه فَضَائِل القرآن وَالنَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة وَفِي التَّفْسِير وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة من حَدِيث عبيد بن حنين عَن أبي هُرَيْرَة قال أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَسمع رجلا يقرأ {قل هُوَ الله أحد...} إِلَى آخرهَا فَقال: «وَجَبت» فسألنا يَا رَسُول الله ماذا وَجَبت قال: «الْجنَّة» انْتَهَى.
قال التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مَالك بن انس انْتَهَى.
وَرَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ عَن عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن عبيد بن حنين بِهِ وَمن طَرِيق مَالك أَيْضا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي فَضَائِل القرآن وَقال صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى.
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع عشر بِسَنَدِهِ وَمَتنه.
وَأما حَدِيث أبي أمامة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث معَاذ بن رِفَاعَة ثَنَا علي بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أمامة قال: «مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِرَجُل وَهُوَ يقرأ {قل هُوَ الله أحد} فَقال أوجب هَذَا قيل مَا أوجب قال وَجَبت لَهُ الْجنَّة» انْتَهَى. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة الإخلاص:
رب العالمين وأحد، لا ثانى له ولا ثالث، لا صاحبة له ولا ولد. والصفات التي أسندها لذاته العليا، تجعل ماعداه صفرا، وتجعل القول به عبثا {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله وأحد فإياي فارهبون}، {... ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله وأحد سبحانه أن يكون له ولد}. والتوحيد روح الإسلام ولباب القرآن. وما نسبه الله إلى نفسه من صفات يجعل ماعداه عبدا عاجزا لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا، فأين هو؟ ولماذا لم يقبل التحدى؟ وننبه هنا إلى ما سقناه من قبل من أدلة عقلية على التوحيد {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون}. وفى موضع آخر يقول: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون لا يسأل عما يفعل وهم يسألون}. والقائلون بالتثليث يرون أن الآلهة ثلاثة، وإن كانوا في الحقيقة إلها واحدًا، فهم أب وابن وروح قدس، ولا يتصور بينهم خلاف! فما يقولون في قضية الصلب؟ إذا كان الثلاثة واحدًا، فإن المصلوب هم الجميع، وفقد العالم ربه حينا من الدهر. وإن كان المصلوب الابن وحده، فليس بإله يقينا! ولمن شاء أن يعتنق ما شاء. ما نحجر على إيمان أحد، ولكننا فقط ننصف كتابنا وعقيدتنا، فنحن نتلقى التهم من كل جهة..!! وسورة الإخلاص سطر وأحد: {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد}. وهى تعدل ثلث القرآن لأنها لخصت أصل الاعتقاد عندنا.
فالله ليس كمثله شيء. ولم يكن له أحد كفء ويستحيل أن يكون أبا أو ابنا. وهو الصمد أي السيد الذي يقصده كل من في السموات والأرض. ماذا يملك غيره؟ إن النظام العالمى السارى في الملكوت لا يتحمل تعدد الآلهة. ومن السخف أن تحسب للشمس إلها، وللأرض إلها، أو أن للحيوان إلها وللنبات إلها، أو أن لإفريقية إلها ولأوروبا إلها. إن النظام الكونى وأحد تضبطه إرادة واحدة وتصوغه قدرة واحدة. والذى يشرف على إفرازات الهضم في أمعاء الأحياء هو الذي يشرف على مسارات الأفلاك في أقاصى الآفاق. وفالق الحب والنوى في الحقول والحدائق هو فالق الإصباح في عالمنا، وفالق الشروق والغروب في المجرات التي لا نراها! إننا بعد إعمال الفكر وإدمان النظر، لا نملك إلا نقول: {لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير}. اهـ.

.في رياض آيات السورة الكريمة:

.فصل في أسرار ترتيب السورة:

قال السيوطي:
سورة الإخلاص:
قال بعضهم: وضعت هاهنا للوزان في اللفظ بين فواصلها ومقطع سورة تَّبت وأقول: ظهر لي هنا غير الوزان في اللفظ: أن هذه السورة متصلة بقل يا أيها الكافرون في المعنى ولهذا قيل: من أسمائها أيضًا الإخلاص وقد قالوا: إنها اشتملت على التوحيد، وهذه أيضًا مشتملة عليه ولهذا قرن بينهما في القراءة في الفجر، والطواف، والضحى، وسنة المغرب، وصبح المسافر، ومغرب ليلة الجمعة وذلك أنه لما نفى عبادة ما يعبدون، صرح هنا بلازم ذلك، وهو أن معبوده أحد، وأقام الدليل عليه بأنه صمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد ولا يستحق العبادة إلا من كان كذلك، وليس في معبوداتهم ما هو كذلك وإنما فصل بين النظيرتين بالسورتين لما تقدم من الحكمة، وكأن إيلاءها سورة تبت ورد عليه بخصوصه. اهـ.

.تفسير الآيات (1- 4):

قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولد (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحد (4)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
{بسم الله} الذي له جميع الكمال بالجلال والجمال (الرحمن) الذي أفاض منت طوله على جميع الموجودات عموم الأفضال (الرحيم) الذي خص أهل وداده من نور الإنعام بالإتمام والإكمال.